الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد عـرض على لجنة الأمور العامة في اجتماعهـا المنعقـد الاستفتاء المقدم، ونصه:
ما حكم الشرع في تناول المرأة الحبوب المانعة لنزيف الدم أثناء العادة الشهرية وذلك من أجل أن تصوم المرأة كل أيام رمضان؟
علماً أن بقاء دم الحيض وعدم خروجه يسبب أمراضا لجسم المرأة، وقد يسبب أيضا منع الحمل، وبقاء دم الحيض مخالف لسنة اللّه الكونية في المرأة فكأننا ننازع القدر، وثبت عن السيدة عائشة أنها كانت تقول كنا نحيض في رمضان ونقضي أيام الحيض بعد رمضان، وإذا أجاز البعض ذلك بناء على الحج فالحج فيه دليل ولأن الحملة لا تستطيع انتظار المرأة صاحبة العادة الشهرية فأجازوا لها شرب ماء الأراك وهذا ليس بضار بالصحة.
وأيضا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة عندما جاءتها العادة الشهرية: " فاقض ما يقضي الحاج غير انك لا تطوفي بالبيت " فلم يؤيد صلى الله عليه وسلم تناول شيء لإيقاف الدم .
أجابت اللجنة بما يلي:
إن الأصل في هذه المسألة أنه يرجع فيها إلى رأي الأطباء المختصين فإن قرروا أن في استعمال هذه الحبوب ضرراً في الحال أو المستقبل منعت المرأة من استعمالها وإلا فلا بأس باستعمالها، فإن استعملتها وامتنع نزول الدم فهي في طهر وتجري عليها أحكام الطهر من وجوب أداء الصوم والصلاة وغير ذلك من أحكام الطاهرات. وليس في تناول الدواء منازعة للقدر إذ لاشيء يغلب القدر فما يقدر يكون ولابد " ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن "، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " احرص على ما ينفعك واستعن بالله " وقال: : تداووا عباد الله " ولو كان في هذا منازعة للقدر فإن الفقير إذا طلب الكسب والمظلوم إذا طلب النصر، والمصاب إذا طلب رفع مصيبته يكونون منازعين للقدر.
وأما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر عائشة بأخذ الدواء لتأخير الدم فإن مهمة النبي صلى الله عليه وسلم كانت بيان الحكم الشرعي وقد بينه وهو أن الحائض لا تطوف وأخذ الأدوية لرفع الحيض أمر دنيوي لأنه مسألة طبية فليست من الأحكام الشرعية حتى تلزم بيانها، ثم إن أحوال النساء تختلف بالنسبة إلى ذلك فقد يضر مثل ذلك الدواء بعضهن دون بعض، وقد يضر إحداهن في حال دون حال، والمرجع في ذلك الأطباء. والله تعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم